الليل الطويل

الليلة ... طال بي السهر ، فجلست أقطع الليل بالقراءة

مررت أثناء قراءتي بهذا البيت للفرزدق وكم هو جميل :

يقولون طال الليل والليل لم يَطُل ** ولكنَّ من يبكي من الشوق يسهرُ

تذكرت قول امرؤ القيس في معلقته الشهيرة حين وصف الليل بتلك الصورة البليغة :

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله ** عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لما تمطّى بصلبه ** وأردف أعجازاً ونـاء بكلكلِ

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ** بصبحٍ ، وما الإصباح منك بأمثلِ

فيا لكَ من ليل كـأن نجومـه ** بكل مغار الفتل شُـدت بيذبلِ

كأن الثريا علقت في مصابهـا ** بأمراس كتان إلى صمّ جندلِ

إنه وصف بليغ حقا

ولا أدري لمَ شدني الموضوع كثيرا فقمتُ أبحث في بعض الكتب عن أقوال الشعراء في الليل وطوله

هذا شاعر يشكو طول ليله ويتساءل إن كان ثمة معين :

ألا هل على الليل الطويل معينُ ** إذا نزحَتْ دارٌ وحنَّ حزينُ؟

أكابد هذا الليل حتى كأنما ** على نجمه - ألاّ يغور – يمينُ

(هذا البيت أعجبني كثيرا ربما لغرابته)

فوالله ما فارفتكم قالياً لكم ** ولكنَّ ما يُقضى فسوف يكونُ

(صدق الشاعر)

وهذا النابغة يقاسي - اثنين - همه وطول ليله :

كليني لهم يا أميمة ناصبِ ** وليل أقاسيه بطيء الكواكبِ

وكم كان ابن زيدون واقعيا حين قال :

إن يطل بعدك ليلـي فلكم ** بت أشكو قصر الليل معكْ

وهذه صورة أخرى أعجبتني كثيرا ويظهر هنا أن الشاعر قد يئس من إشراقة الصباح :

وليل في كواكبه حران ** فليس لطول مدته انتهاء

عدمتُ تبلّج الإصباح فيه ** كأن الصبح جود أو وفاء

والحقيقة أنني لا أعرف معنى كلمة (حران) ولم أبحث عنه بصراحة ، لكن البيت جميل في مجمله

وهذا بشار بن برد بعد أن تطاول ليله بدأ يشك أن بعد الليل نهارا :

أقول وليلتي تزداد طولا ** أما لليل بعدهم نهارُ؟!!

وهذا بيت في منتهى الجمال وإن كنت لا أدري من قائله :

وطال علىّ الليل حتى كأنه ** بليلين موصول فما يتزحزح

إنها حقا صورة فريدة

ومن أروع ما قرأت هذا الموقف ،، قال أحدهم :

تطاول الليل لا تسري كواكبه ** أم طال حتى رأيت النجم حيرانا

فسمعه آخر فقال :

ما طال ليل ولا حارت كواكبه ** ليل المحب طويل كيفما كانا

وهنا صورة بليغة لست أعرف من أبدعها :

تطاول هذا الليل حتى كأنه ** إذا ما مضى تثنى عليه أوائله